العادات والتقاليد في آسيا

العادات والتقاليد في آسيا

العادات والتقاليد في أي دولة أو منطقة تعبر وبشكل واضح عن الميراث الحقيقي لسكان تلك المنطقة الممتلئ بالأحداث والتجارب والتطورات الإنسانية النابعة من سلوك المجتمع، وأنماط عمله، والتي تصبغه بلون عاداتي يميزه عن غيره من المجتمعات.
وللأتراك في آسيا الوسطى الكثير من العادات والتقاليد التي تميزهم عن غيرهم من الشعوب، وهي عادات فريدة تظهر لنا هذا الكم الهائل من الموروثات التي توارثها الأتراك عبر مئات، بل آلاف السنين التي مرت عليهم في تلك المنطقة.
ومنذ البداية يجدر بنا الإشارة إلى أن عادات وتقاليد سكان منطقة آسيا الوسطى من الترك، اختلفت باختلاف معتقداتهم ودياناتهم على مر العصور، فنجد أن تطورًا قد شمل هذا الإقليم منذ بدء التاريخ، وحتى يومنا هذا، ولكن يبقى قاسم مشترك بين أهل هذا الإقليم من العادات يربط بينهم، ويدل على محددات شخصياتهم بشكل واضح.
كما تجدر الإشارة إلى أن العادات والتقاليد الحالية قد غلب عليها طابع التطور الكبير في وسائل الاتصال التي أدت إلى اندثار الكثير من تلك العادات والتقاليد التي تميز بها سكان تلك المنطقة، "منطقة آسيا الوسطى"، ونحن هنا بصدد الحديث عن بعض العادات والتقاليد القديمة والتي مازالت موجودة وقائمة حتى الآن، ونلاحظ أن وجودها يكثر في المناطق الريفية، ويقل بشكل واضح في المدينة؛ لأن تمسك أهل الريف بالعادات والتقاليد أكبر منه عند أهل المدينة، ومن هذه العادات ما هو في طريقة إلى الاندثار والزوال.
اللباس والزي:
تراجع الزي الشعبي في المدينة بدرجة كبيرة، وفي القرية بدرجة أقل بين سكان هذا الإقليم، وساد الزي الحديث بين سكانه، ولكن من بعض ملابسهم القديمة، التي مازالت موجودة حتى الآن، أن بعض الرجال يتألف ملبسهم من قبعة قماشية من الحرير المزركش والملون بالألوان الزاهية، وهذا لباس الرأس، أما بقية الجسد فيغطيه قميصٌ أبيضُ اللون، ومن فوقه قميص آخر ملون، وفوق ذلك كله صدارًا طويلاً واسعًا، ويكون إزاره قماشيًا أصفر اللون.
 أما لباس المرأة، فيتكون من قلنسوة حمراء مزينة بشراشيب سوداء، ومن فوق القلنسوة منديل أبيض، ويكون الوجه مكشوفًا، ويمر المنديل من تحت الرقبة، ولباس الجسد يتألف من فستان طويل أحمر اللون، ومن تحته سروال طويل، وتضع المرأة صدرية مزركشة على الجزء العلوي للزينة، وإزارها حزام قماشي.
عادات الزواج
من عادات الأعراس في هذه المنطقة أن أم العريس تذهب إلى بيت العروس في أبهى زينة، واضعة على كتفها شالاً ملونًا، وفي يدها منديلاً مليئًا بالسكاكر، وتضع أم العريس وردة في شعرها على اليمين من رأسها، وهي علامة تدل على أنها جاءت من أجل خطبة ابنتهم، فيفهم ذلك أهل العروس، ويتشاورون في الأمر، ويجيبون بالموافقة أو الرفض.
في حالة الرفض، تنصرف أم العريس دون إزعاج أو إحراج، أما في حالة الموافقة، فتفتح الأم منديلها وتقدم السكاكر للجميع، وبذلك أصبحت الفتاة مخطوبة لابنها، ثم يتم الاتفاق على أمور الزواج، ولا يوجد مهر عند كثير من سكان هذه المنطقة، ثم يذهبون لشراء حاجيات العريس والعروس، والحلي عندهم من الفضة، وأهم قطعه: حزام فضي، وحلق، وطوق.
في يوم العرس تقام خيمة كبيرة عند بيت العريس يجتمع فيها الناس، ويبدأ حفلهم بالغناء وبعض الرقصات الشعبية، ويلقون الأشعار العاطفية، وتذبح الذبائح فرحًا بالعرس، وتقام الولائم، وعند حضور العروس يستقبلها أهل العريس برش الأرز على موكبها، تعبيرًا عن الفرحة والسعادة والبركة.
استقبال الحجاج
الحج شعيرة من الشعائر الدينية التي يتم بها إسلام المرء عند أهل آسيا الوسطى، ولذا تراهم يهتمون بها اهتمامًا بالغًا، ويظهر ذلك في استقبالهم للحجاج، حيث اعتادوا تزيين مداخل منازلهم ببعض أغصان الأشجار وأوراقها، وكتابة بعض العبارات الدينية على جدران منازلهم، وتذبح الذبائح، وتعقد الولائم للضيوف المهنئين الذين يأتون من كل مكان لأخذ البركة، ورؤية بعض المجلوبات من أرض الحجاز، ثم يقوم الحاج ويقص عليهم مشاهداته في رحلته منذ خروجه حتى عودته.
الأعياد:
لأتراك آسيا الوسطى الكثير من الأعياد، فمنها: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد مولد النبي r، وعيد رأس السنة الهجرية، وعيد النصف من شعبان، وهي أعياد خاصة بالمسلمين. وعيد رأس السنة الميلادية، وعيد ميلاد المسيح، وهي أعياد خاصة بالمسيحيين. وهناك أعياد لغيرهما من الديانات، وخاصةً الزرادشية.
ومن بعض عاداتهم في الأعياد أن يلبسوا الملابس الجديدة، وتذبح الذبائح، وتقدم الحلوى، ويتبادل الجميع الزيارات فيما بينهم، والبعض منهم يذهب إلى المقابر بعد صلاة العيد، من المسلمين؛ لزيارة الموتى، وبعض العائلات تصنع الكعك والشعرية في الأعياد لتكريم الضيوف، وإهدائها إلى الأقارب.
ومن عادات المسلمين القازاق والقرغيز والطاجيك أن يقوموا باختطاف الخراف وهم على ظهور الخيل في أشكال رياضية؛ لتكون قربانهم في عيد الأضحى، أو كما يسمونه عيد القربان.
المأكل والمشرب:
ولعل من أهم مأكولاتهم القمح والأرز والذرة ولحوم الأبقار والأغنام والدجاج والبط والسمك، ويمتنعون عن أكل الخنزير والكلب والبغل والحمار وغيرها من الحيوانات المفترسة، ويقيمون الولائم، ويدعون لها الضيوف، فإذا أُعجب الضيف بالوليمة، فإنه يسلم على أهل الوليمة، ويخرج لهم لسانه علامة على أنه أعجب بالوليمة.
أما عن المشروبات، فأهم مشروباتهم هو الشاي، ولهم به ولع كبير، وحب عظيم، فهو عندهم دليل كرم، ومن أهم عاداتهم في شرب الشاي أن منهم من يشرب الشاي بالسلطانيات ذات الأغطية، وأحيانًا ينقعون فيه التمر الأحمر واللونغان، "وهو نوع من المجففات"، والسكر؛ لكي لكي يتلذذوا بطعمه.
ودخل الشاي في العديد من مناسباتهم، فمن ذلك يسمى بعضهم الخطبة "شوه نشا"، أي طلب اليد، وعقد الخطبة يسمى عندهم رينغ نشا، أي حجز الشاي، وهم يمتنعون عن شرب الخمر وكل ما كان مسكرًا؛ عملاً بشريعة الإسلام، ويمتنع بعضهم عن شرب السجائر.
عادات الجنائز:
من عاداتهم المتبعة في الجنائز الإسراع بدفن الأموات، وعدم الإسراف في الجنائز، وعندما تحضر الوفاة يستدعون إمام المسجد؛ كي يذكر المحتضر بالله، وعندما يموت المحتضر يقوم إمام المسجد بإغلاق عينه وفمه، ويمدد أطرافه، ثم يستدعي المغسل ليُغسل جثمانه ويكفنه، ثم يدفن في التراب بعد الصلاة عليه.
أما غير المسلمين من بعض أتباع الزرادشية فلهم طقوس أخرى في جنائزهم، فمنهم من يحرق الموتى، ومنهم من يلقي بهم في اليم، وغير ذلك من العادات. وبعض المسلمين تأثروا بغيرهم من غير المسلمين، فبعضهم يلبس السواد، ويضعون أشرطة سوداء على ذراعهم، ويحيون الليالي بمناسبات مثل: السنوية وغيرها من العادات التي أخذوها عن غيرهم.
العادات والتقاليد من أهم السمات التي تميز القوميات، وتحدد ملامحها، وخلال مطالعة بعض عادات شعب ما، فإنك تتعرف على ملامح شخصية هذا الشعب، ولعل المطالع لما سبق يدرك بوضوح الصبغة الإسلامية التي صُبغ بها الأتراك في آسيا الوسطى، وهذا يعكس الأثر الكبير للإسلام في حياة هذه الأمة، وهذه الشعوب التي تتكون منها الأمة من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، ويدرك بوضوح أن الإسلام يهذب شخصية الأمم وعاداتها.

هناك تعليقان (2):

  1. ممتاز لكن لو كان موسع اكثر وتحديد لكل عادة مكانها

    ردحذف
    الردود
    1. Gegdyrzgt
      We're looking forward z,,🤷😱🇧🇦🇺🇸🇺🇸🇺🇸🇺🇸

      حذف